السبت

وداعا أيها الرعد المدوي


نُشرت هذه القصيدة الرثائية -قديمًا- في عدد من المواقع والصحف الالكترونية التي توقفتْ روابطها عن العمل:

وداعاً أيها الركنُ الشديدُ 

وحباً كلّما زدنا يزيدُ

وأشواقاً تترجمها القوافي

يقودُ زمامَها عزمٌ أكيدُ

وجزمٌ بعده حزمٌ ووعدٌ

وعهدٌ لا يحيدُ ولا يميدُ

بأن نبقى كما قد كنتَ ترجو
شداداً يستجيرُ بنا الصمودُ

ندكُّ حصونَ فكرِ الجهلِ دكاً
ليُبنى فوقها الصرحُ الجديدُ

وأن تبقى الحروفُ لنا سيوفاً
يُجَزُّ بها التقهقر والركودُ

جثا الأقزامُ يا عملاق ذعراً
من التنوير وانتفض العبيدُ

رأوا في أحرف الأحرار ناراً
ستحرقهم يلينُ لها الحديدُ

وداعاً أيّها الصدّاحُ فينا
بشدوٍ رجعه فينا شديدُ

نُبذتَ من الشيوخ؛ لأنَّ ما قدْ
زرعتَ لنبتهم موتٌ أكيدُ

تجاهل فقدك الإعلامُ عمداً
وأنتَ الرمزُ فينا والفقيدُ

طُردت من الديارِ ومتّ فرداً
فظنَّ القومُ أنّك لا تعودُ

وها قد عدت بعد "النت" عَوداً
حميداً مثل حمدك يا حميدُ

رحلتَ ولم تزل فينا مقيماً
بنثرك أيها البطلُ العتيدُ

ستبقى خالداً فينا دهوراً
بفضل كفاحكم كُتِبَ الخلودُ

تتلمذنا على ما قد كتبتم
"وإن جاوزتَ حيناً ما نريدُ"

أبشِّرُ روحكَ العلياء أني
أرى التنويرَ في قومي يسودُ

أرى ليلَ التخلّفِ في انحسارٍ
سيشرقُ بعده فجرٌ جديدُ

سنكسرُ "هذه الأغلال" حتماً
وإن رفضَ انتفاضتنا العديدُ

سنمضي ندفعُ الطوفان دفعاً
إلى أن تختفي تلك السدودُ

سنكنسُ لوثةَ التعقيدِ كنساً
لعلّ نقاوة الدنيا تعودُ

نلقّن صاحبَ الإرهابِ درساً
فتنهره مع الدرس الحشودُ

تقولُ له: تباعد واعتزلنا
فقد جاوزتَ حدّك يا حقودُ

ودعْ عنك التنطّع واجتنبنا
فنحن اليوم نعرفُ ما نريدُ

لنا جنْدٌ لهم هدفٌ سليمٌ
له ثمرٌ ستقطفهُ الجهودُ

ستقطفه الجهودُ ودون خوفٍ
فما عادت نياحتكم تفيدُ

مللنا من وصايتكم وضقنا
بكم ذرعاً فضاق بنا الوجودُ

كفى ركضاً فواحتكم سرابٌ
كفى حُلماً فقد ذاب الجليدُ

كفى طعناً بسكين التمنّي
فجرح الوهم أغرقه الصديدُ

سنجعلُ كلَّ إنسانٍ سويٍ
يغرّدُ كلّ يومٍ لا يحيدُ:

أنا لن أنحني لأنال حقّي
وأستجديك كلا يا لدودُ

بعلمانيّتي سأفك قيدي
وأهدم عنوةً ما لا أريدُ

أقوِّضُ ظلمكم وأصيح فيكم:
"أنا في جعبتي رأيٌ سديدُ"

رسالتنا "الحداثة" فافهموها
كما شئتم فقد طال الجمودُ

شرحناها لكم مليونَ شرحٍ
وكان طموحنا أن تستفيدوا

لنعتقكم بها من كلِّ قيدٍ
فما زادت بكم إلا القيودُ

شرحناها لكم شعراً ونثراً
فما نفعَ المقالُ ولا القصيدُ

غباءٌ ما له طبٌ وبحرٌ
من الأوهامِ يعشقه البليدُ

فتبْ يا أيها الرجعيُّ مِمّا
بُليتَ به فإن التوبَ عيدُ

وإن تكُ طالباً للعلم حقاً
تريدُ اللفظَ والمعنى تريدُ

فدونكها صحاح عظيمِ قومي
ففيها النورُ والطرح الرشيدُ

ودونك بعدها أبيات شعرٍ
مطولة لنا، فيها المفيدُ

ولا تكثر عنادك واجتنبهُ
لكي لا نستبيحك يا عنيدُ

فنحن اليوم أعظمُ منك بأساً
ونحن اليوم نرفضُ ما تجيدُ

سنشعلُ نارَ ثورتنا قريباً
وميراثُ الفقيدِ هو الوقودُ

وداعاً أيها "الرعدُ المدوّي"
فإن ترحل فللفكرِ الخلودُ

سننشرُ ما كتبتَ بكلِ أرضٍ
ونبقى من دروسك نستزيدُ

فأنت البحرُ والأفهامُ سفْنٌ
إذا خاضت بهِ زادَ الرصيدُ

رصيدٌ من صيودِ العلم شتّى
صيودٌ لا تشابهها صيودُ

وأنت الشمسُ والأوهامُ ليلٌ
إذا بزغتْ عليه بكى العبيدُ

وأنت الفخرُ والأحرار جندٌ
إذا افتخرت بقادتها الجنودُ

وأنت الغيثُ والآمالُ أرضٌ
أماتَ نباتَها جهلٌ شديدُ

سَقيتَ بأرضنا عوداً رطيباً
فأثمرَ والثمارُ تقول: عودوا

إلى ما فيه تحقيقُ المعالي
شموخُ العقلِ والفوزُ الأكيدُ

مدحتك بعدما شرَّفتُ عيني
بختْمِ جميع كتْبك يا فريدُ

ولستُ بنادمٍ ما عشتُ أنّي
رثيتك أيها الإرث التليدُ

ففي أمثالكم تزهو حروفي
وفي أمثالكم يحلو النشيدُ

سنبقى كلما زرنا ثراكم
نردّدُ: هاهوَ القبرُ المجيدُ

سلاماً يا عِظام عظيمِ قومي
سلاماً أيها الرمسُ السعيدُ



وائل بن عبدالرحمن القاسم



ليست هناك تعليقات: